أصل اللباس المغربي التقليدي: الجلباب المغربي والطربوش الوطني
الجلباب المغربي: أصل كلمة
"الجلباب" المغربية مستمدة من الكلمة العربية "جلباب" كما ورد
في "لسان العرب" لابن منظور، وكانت تشير في البداية إلى لباس رجالي بسيط
خاص بالفئات العامة والفقراء، خاصة الصلحاء وحراس الليل. أولى الإشارات إلى
الجلباب جاءت في بداية القرن الـ 15م، حيث كان يعتبر لباسًا مخصصًا للصلحاء كما
ورد في كتاب "دوحة الناشر" و"الروض العطر الأنفاس".
كان الجلباب يرتديه أيضًا الفقراء كما وصفه الفرنسي
مويط، الذي أشار في مذكراته إلى أن الجلباب كان لباسًا يوميًا في المغرب خلال فترة
حكم المولى إسماعيل العلوي. في المقابل، كان العلماء والأعيان يرتدون ملابس أكثر
أناقة كما وصفها ليون الإفريقي في القرن الـ 16م، مثل السترات والبرانس المصنوعة
من قماش فاخر.
في القرون اللاحقة، تطور الجلباب وأصبح رمزًا لدى النخب
في المغرب. وظهر كجزء من اللباس المخزني، حيث ارتداه سفير السلطان عبد الرحمن بن
هشام خلال مهمته في باريس (1845-1846م).
أما الجلباب النسائي، فقد ظهر في مدينة فاس بداية القرن الـ
20، حيث واجه مقاومة من النخب الذكورية، قبل أن يصبح تدريجيًا جزءًا من لباس
النساء. تطور الجلباب بمرور الزمن في شكله وتصميمه، وأصبح لباسًا وطنيًا مشتركًا
بين الرجال والنساء، ويمثل اليوم جزءًا من الهوية المغربية في المناسبات الرسمية،
مثل افتتاح البرلمان.
هذا اللباس التقليدي يعكس ارتباط المغاربة بتراثهم
وثقافتهم، حيث يجمع بين الأصالة والتطور في آن واحد.
تطور لباس السلاطين في المغرب
مع مرور الزمن، تطور اللباس السلطاني في المغرب، حيث
احتفظ السلاطين المرينيون والوطاسيون بعناصر من اللباس الموحدي مثل العمامة
والبرنس. خلال الحكم السعدي في القرن السادس عشر، اعتمد السلاطين اللباس التركي،
خصوصًا في عهد عبد الملك وأحمد المنصور الذهبي، واستمر هذا التأثير في عهد
السلاطين العلويين.
انتشار الجلباب بين النخب وعموم المغاربة
في القرن التاسع عشر، بدأ الجلباب يأخذ مكانة خاصة بين
نخب المجتمع المغربي، متجاوزًا دوره السابق كلباس للفقراء. في كتابه "العز
والصولة"، وصف المؤرخ عبد الرحمن بن زيدان الجلباب كجزء من لباس السلطان عبد
الرحمن بن هشام في العشرية الثانية من القرن التاسع عشر.
كما أصبح الجلباب رمزًا للمخزن المغربي، حيث ارتداه
السفير عبد القادر أشعشاع خلال مهمته إلى باريس بين عامي 1845 و1846، مما دفع
الفرنسيين إلى وصفه بأنه "اللباس الوطني في المغرب".
ظهور الجلباب النسائي
في بداية القرن العشرين، بدأت نساء فاس في اعتماد الجلباب كلباس لهن، مما أثار جدلاً كبيرًا بين نخب المدينة. في عام 1905، وُثِّق إشهاد في حوالة القرويين يمنع 12 امرأة من ركوب الدواب وارتداء الجلباب، مما يظهر المقاومة الاجتماعية لهذه التغيرات. رغم ذلك، انتشر الجلباب النسائي تدريجيًا، وأصبح بديلاً عن "الحايك"، ليصبح جزءًا من اللباس النسائي التقليدي في المغرب.
تطور شكل الجلباب
شهد الجلباب تطورًا في تصميمه وخياطته عبر السنين. من
لباس فضفاض للرجال، أصبح الجلباب اليوم يتخذ شكلاً أقرب للجسم مع الحفاظ على روح
التصميم التقليدي. اليوم، يُعتبر الجلباب، إلى جانب البرنس والبلغة، من رموز
الهوية المغربية، ويُرتدى في المناسبات الرسمية مثل افتتاح البرلمان.
تصميم الجلباب
الجلباب المغربي يتميز بتصميم بسيط وأنيق في آنٍ واحد.
يكون الجلباب عادة طويلًا، يغطي كامل الجسم، مع أكمام طويلة، وغطاء رأس (قب) يمكن
وضعه أو تركه منسدلاً حسب الحاجة. يتوفر الجلباب بألوان وأنماط مختلفة، مما يعكس
التنوع الثقافي والذوق الفني في المغرب. يتم تصنيعه عادةً من أقمشة خفيفة مثل
الصوف أو القطن، وذلك ليكون مناسبًا للمناخ المتنوع في البلاد، سواء في المناطق
الباردة أو الحارة.
الجلباب بين التقليد والمعاصرة
رغم أن الجلباب يرتبط بالتقاليد المغربية القديمة، إلا
أنه ما زال محافظًا على مكانته حتى اليوم. يمكن رؤية الجلباب في المناسبات الدينية
مثل صلاة الجمعة أو الأعياد الإسلامية، وكذلك في الأفراح والمناسبات الاجتماعية.
وقد ظهرت في السنوات الأخيرة تصاميم حديثة للجلباب، تجمع بين الطابع التقليدي
والأناقة العصرية، مما جعله يحظى بشعبية أكبر بين الأجيال الشابة.
الطربوش الوطني: الرمز الملكي
الطربوش الوطني، أو "الفاس" كما يُعرف في بعض
المناطق، هو غطاء رأس تقليدي يتميز بشكله الدائري ولونه الأحمر القاني، والذي يعكس
جانبًا آخر من الثقافة المغربية. مثل الجلباب، يحمل الطربوش رمزية تاريخية وثقافية
قوية، وهو جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية للمغرب.
تاريخ الطربوش
تاريخ الطربوش مرتبط بفترات حكم متعددة في المغرب، ولكن
يُعتقد أن أصوله تعود إلى العصر العثماني، حيث كان الطربوش جزءًا من اللباس الرسمي
للجنود والمسؤولين. انتقل هذا التقليد إلى المغرب واستمر حتى أصبح رمزًا وطنيًا في
المملكة المغربية.
الطربوش المغربي يختلف قليلاً عن الطربوش الذي انتشر في
مناطق أخرى من العالم العربي، حيث يتميز بقصته المستقيمة وشكله الصلب. في المغرب،
ارتبط الطربوش بالملكية وارتداه العديد من القادة والسياسيين كرمز للقوة والنفوذ.
كما أنه كان جزءًا من الزي الرسمي للطلبة والعلماء في الجامعات التقليدية مثل
جامعة القرويين في فاس.
الطربوش في العصر الحديث
في العقود الأخيرة، أصبح الطربوش رمزًا أكثر خصوصية،
ويُرتدى في الغالب في المناسبات الرسمية والوطنية. على الرغم من أن ارتداء الطربوش
قد تراجع في الحياة اليومية، إلا أن قيمته الثقافية والتاريخية لا تزال حاضرة.
ويُعتبر الطربوش جزءًا لا يتجزأ من اللباس التقليدي المغربي في الاحتفالات الكبرى
مثل حفلات الزواج والمناسبات الوطنية.
الجلباب والطربوش: مزيج من الأصالة والحداثة
يُعتبر الجلباب المغربي والطربوش الوطني من أبرز مظاهر
التراث المغربي، حيث يجمعان بين الأصالة والحداثة في آنٍ واحد. وفي الوقت الذي
شهدت فيه هذه الأزياء تطورات بمرور الوقت، إلا أنها ما زالت تحمل في طياتها روح
الماضي وتاريخ المغرب الغني.
الرمزية الثقافية والروحية
الجلباب والطربوش ليسا مجرد قطع من الملابس، بل يحملان
دلالات رمزية عميقة تتجاوز الأبعاد الجمالية. يمثلان الانتماء للهوية المغربية
والإحساس بالفخر الثقافي. في المغرب، تُربط هذه الأزياء بالقيم الدينية
والاجتماعية، وتُستخدم للتعبير عن الاحترام في المناسبات الدينية والاحتفالات
الوطنية.
استمرار التراث عبر الأجيال
بفضل تمسك المغاربة بثقافتهم وتراثهم، لا يزال الجلباب
والطربوش حاضرَين في العديد من جوانب الحياة اليومية. يظهران في المناسبات
العائلية والدينية، كما يمكن مشاهدتهما في احتفالات الدولة والمناسبات الرسمية.
علاوة على ذلك، يحرص الكثير من المصممين المغاربة على تطوير هذه الأزياء التقليدية،
بما يتماشى مع الأذواق العصرية مع الحفاظ على أصالتها.
ولا يستقيم لباس الجلباب
والطربوش الوطني إلا بالبلغة بالنسبة للرجال و لباس القفطان والشربيل بالنسبة للنساء.
البلغة الرجالية والشربيل النسائي
1- تاريخ "البلغة" المغربية: رمز
الأناقة والهوية
تعد "البلغة" المغربية من أقدم وأشهر الأحذية
التقليدية في المغرب، وهي رمز للتراث والأناقة المغربية. تتألف البلغة من جلد
طبيعي وتُصنع عادةً بشكل يدوي، مما يجعلها حرفة تقليدية تُنقل عبر الأجيال.
للبُلغة تاريخ طويل يرتبط بتطور الأزياء التقليدية في المغرب، وتعد جزءاً أساسياً
من الهوية المغربية.
أصول البلغة
يرجع تاريخ البلغة إلى فترات قديمة في المغرب، حيث كانت
تُستخدم كحذاء عملي ومريح يناسب جميع فئات المجتمع، من الفلاحين إلى السلاطين. لا
يُعرف بالتحديد متى بدأت البلغة تظهر في المغرب، لكن يُعتقد أنها نشأت وتطورت عبر
قرون عدة، متأثرة بالثقافات الأندلسية والعربية والبربرية. كانت البلغة جزءاً من
اللباس اليومي للرجال والنساء في مختلف المدن والقرى المغربية.
تصميم البلغة
تتميز البلغة بتصميمها البسيط والمريح، وهي عادةً ما
تكون بدون كعب وتغطي القدم بشكل كامل مع فتحة صغيرة من الأمام. تُصنع البلغة
تقليديًا من جلد الماعز أو البقر المدبوغ يدويًا، مما يعطيها متانة ومرونة. أما
الألوان، فتتنوع بين الأبيض، الأسود، الأصفر (وهو الأكثر شهرة)، إضافة إلى ألوان
أخرى بحسب المناسبات. البلغة الصفراء كانت تقليديًا ترتبط بالأعيان والعلماء،
بينما البلغة البيضاء تُرتدى في المناسبات الدينية مثل عيد الأضحى.
دور البلغة في الثقافة المغربية
تُعتبر البلغة رمزًا للهوية المغربية وتُلبس في
المناسبات الدينية، الأعياد، والزفاف. كما أنها تُرتدى في الحياة اليومية، حيث
يفضلها العديد من المغاربة نظرًا لراحتها ومرونتها. إلى جانب كونها جزءًا من الزي
التقليدي، مثل الجلباب ، أصبحت البلغة عنصرًا مميزًا يعكس الأصالة
والبساطة.
صناعة البلغة
صناعة البلغة هي حرفة تقليدية تُمارس في العديد من المدن
المغربية، مثل فاس، مراكش، والرباط. يعتمد الحرفيون في هذه الصناعة على أدوات
تقليدية وتقنيات متوارثة عبر الأجيال، ويحرصون على اختيار الجلود عالية الجودة
وتلوينها بمواد طبيعية. رغم أن صناعة البلغة اليدوية ما زالت مستمرة، فإن هناك
تحديات تواجهها بسبب المنافسة من المنتجات المصنّعة آليًا.
تطور البلغة عبر الزمن
مع مرور الزمن، تطورت البلغة المغربية من حيث التصميم والألوان. في الماضي، كانت البلغة تقتصر على ألوان محددة وتُصنع بمواد تقليدية، لكن اليوم تتوفر البلغة بألوان وتصاميم عصرية تناسب مختلف الأذواق، بينما حافظت على روحها التقليدية. كما بدأت تظهر البلغة في صيحات الموضة العالمية، حيث أصبحت تدمج بين التراث والأناقة .
2- تاريخ " الشربيل" المغربي: رمز الأناقة والهوية
يعد "الشربيل" النسائي من أبرز رموز الأناقة
والتقاليد المغربية، ويتميز بتاريخه العريق وتصاميمه المتنوعة. الشربيل هو حذاء
تقليدي مغربي يلبس بشكل خاص في المناسبات والأعراس، ويعبر عن جمال وفخامة الزي
المغربي، حيث يعتبر جزءًا لا يتجزأ من القفطان والتكشيطة النسائية.
أصول الشربيل
تعود أصول الشربيل إلى قرون مضت، حيث ارتبطت نشأته
بالثقافات الأندلسية والفاسية. كان الشربيل في الأصل يُصنع للنساء من الطبقات
النبيلة والعائلات الثرية في المدن الكبرى مثل فاس ومراكش. كان يُعتبر قطعة فاخرة
تتباهى بها النساء في المناسبات المهمة مثل الأعراس والاحتفالات، ويُصنع عادةً من
أفخم أنواع الجلد والمخمل.
تصميم الشربيل
الشربيل النسائي يتميز بتصميمه الفريد والدقيق. يُصنع من
جلد أو مخمل عالي الجودة، ويُطرز يدويًا بزخارف تقليدية باستخدام خيوط ذهبية أو
فضية (الصقلي). غالبًا ما يكون الشربيل مزينًا بأحجار كريمة أو لآلئ، مما يزيد من
فخامته وأناقة مظهره. يختلف الشربيل عن البلغة بكونه أكثر أناقة وتفصيلاً، إذ يأتي
بمقدمة مستديرة أو مدببة، وأحيانًا يكون مفتوحًا من الخلف.
رمزية الشربيل في الثقافة المغربية
الشربيل ليس مجرد حذاء، بل هو رمز للأنوثة والجمال في
الثقافة المغربية. يُرتدى في المناسبات الاحتفالية، خاصة حفلات الزفاف، حيث يُنسق
مع القفطان أو التكشيطة التقليدية. في الأعراس المغربية، يُعتبر الشربيل جزءًا
أساسيًا من جهاز العروس، ويمثل ذوقها الرفيع وحبها للأصالة.
صناعة الشربيل
تعد صناعة الشربيل من الحرف اليدوية التقليدية التي
تتطلب مهارة ودقة. تنتشر ورشات صنع الشربيل في مدن مثل فاس ومراكش، حيث يعمل
الحرفيون على تصميم وتطريز الأحذية بأيديهم باستخدام تقنيات متوارثة. يعتمدون في
ذلك على مواد مثل الجلد الطبيعي والمخمل، بالإضافة إلى الخيوط الحريرية أو المعدنية
التي تُستخدم في الزخرفة.
تطور الشربيل عبر الزمن
مع مرور الزمن، شهد الشربيل تطورًا كبيرًا في التصميم
والألوان. في الماضي، كانت الألوان التقليدية كالذهبي والأحمر هي السائدة، لكن
اليوم أصبح الشربيل متوفرًا في ألوان عصرية تناسب مختلف الأذواق. كما أن هناك
تصاميم حديثة تدمج بين التراث والحداثة، مما يجعل الشربيل خيارًا أنيقًا للنساء في
كل زمان.
الشربيل في الموضة المعاصرة
رغم قدمه، استطاع الشربيل الحفاظ على مكانته في الموضة
المغربية المعاصرة. اليوم، لا يقتصر ارتداء الشربيل على المناسبات التقليدية فقط،
بل أصبح يُنسق مع الأزياء اليومية في مناسبات خاصة أو حتى في الأنشطة اليومية، حيث
أضفت عليه بعض التعديلات العصرية مثل استخدام ألوان زاهية وزخارف مبتكرة.