مدينة تمارة المغربية: التاريخ والمؤهلات الطبيعية والاقتصادية

Noureddine Ahil
المؤلف Noureddine Ahil
تاريخ النشر
آخر تحديث

 

مدينة تمارة المغربية: التاريخ والمؤهلات الطبيعية والاقتصادية


تاريخ مدينة تمارة المغربية يمتد إلى القرون الوسطى، حيث تأسست في القرن الثاني عشر الميلادي. إليك تفصيل تاريخها:

التأسيس: تأسست تمارة في الفترة ما بين 1130 و1163 من قبل السلطان الموحدي عبد المومن بن علي الكومي، الذي قام ببناء مسجد فيها، مما جعلها نقطة مهمة في المنطقة.

القرن السابع عشر: بعد حوالي خمسة قرون من تأسيسها، في عهد مولاي عيسى، تم بناء الجدار الذي يحيط بالمدينة، مما حولها إلى رباط (حصن) يحمي المسجد والمناطق المحيطة به.

القرن التاسع عشر:

مولاي عبد الرحمن (1822-1859): خلال فترة حكمه، شهدت المدينة اهتمامًا بتعزيز تحصيناتها العسكرية والدينية.

مولاي عبد العزيز (1894-1908): في عهده، تم بناء "قصبة جيش الودادية"، والتي كانت معسكرًا دينيًا وعسكريًا، مستفيدة من موقعها القريب من الرباط.

العصر الحديث: مع مرور الوقت، تطورت تمارة من بلدة صغيرة محصنة إلى مدينة حديثة تحتفظ بجذورها التاريخية والثقافية. أصبحت جزءًا من التوسع العمراني لمنطقة الرباط الكبرى، مع الحفاظ على معالمها التاريخية وتطوير البنية التحتية الحديثة.

تمارة اليوم هي مدينة تجمع بين التراث التاريخي والتطور الحديث، مما يجعلها مكانًا فريدًا يعكس تاريخ المغرب العريق وتطوره المستمر.

أصل تسمية المدينة ب "تمارة"

تسمية مدينة تمارة المغربية ترتبط بأصول تاريخية وثقافية تعكس عمق جذورها. وفقًا للتقاليد والروايات التاريخية، يُعتقد أن اسم "تمارة" مشتق من كلمة أمازيغية قديمة "تمّارت" (Tammarat) والتي تعني "الأرض الخصبة" أو "الواحة". هذا التفسير يتماشى مع طبيعة المنطقة التي كانت تُعرف بخصوبة أراضيها وكثرة المياه فيها.

فيما يلي بعض النقاط التفصيلية حول أصل التسمية:

الجذور الأمازيغية: تعتبر كلمة "تمّارت" (Tammarat) من الكلمات الأمازيغية التي تشير إلى الأرض الخصبة أو المنطقة الغنية بالماء والنباتات، وهو ما كان يتصف به الموقع الجغرافي للمدينة في العصور القديمة.

التأثيرات التاريخية: تمارة كانت منطقة زراعية مهمة، ما قد يفسر تسمية المدينة ارتباطًا بخصوبة أراضيها وأهميتها كمصدر للزراعة.

 التطورات اللغوية: مع مرور الزمن وتأثر المنطقة باللغات والثقافات المختلفة، تطورت الكلمة الأمازيغية "تمّارت" لتصبح "تمارة" بالشكل الذي نعرفه اليوم، متماشية مع اللغة العربية التي أصبحت اللغة السائدة في المنطقة.

التأريخ الثقافي: يحتفظ اسم تمارة بارتباطه الثقافي والتاريخي بالمنطقة، مما يعكس تاريخها العريق وتراثها الثقافي الغني.

تظل تمارة مثالاً على كيفية تأثير العوامل الجغرافية والزراعية والثقافية على تسمية الأماكن وتاريخها، مع الحفاظ على الهوية التراثية للمدينة عبر الأجيال.

اصول الاجناس التي استوطنت مدينة تمارة

الأمازيغ: يعتبر الأمازيغ السكان الأصليين لشمال إفريقيا، بما في ذلك منطقة تمارة. استقروا في هذه المنطقة منذ العصور القديمة، وأسهموا في تطوير ثقافتها ولغتها وتراثها.

العرب: مع الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي، بدأت القبائل العربية تستوطن في المغرب، بما في ذلك تمارة. حمل العرب معهم الإسلام واللغة العربية، مما أثر بشكل كبير على الثقافة والهوية المحلية.

الأوداية وزعير هما من المجموعات السكانية التي كانت لها تأثير كبير على تاريخ مدينة تمارة وسكانها:

سكان الأوداية

الأوداية: هم مجموعة من القبائلالتي استقرت في منطقة الرباط وما حولها، والتي تشمل تمارة.

الطابع الثقافي: الأوداية كان لهم تأثير كبير على الثقافة المحلية في المنطقة، بما في ذلك في العادات والتقاليد .

الأهمية التاريخية: شكلت الأوداية جزءًا من النسيج الاجتماعي للمنطقة منذ العصور القديمة، ولهم دور مهم في تطوير الحياة الاجتماعية والاقتصادية في تمارة.

سكان زعير

زعير: هي قبيلة  أخرى لها وجود تاريخي في منطقة شمال المغرب، بما في ذلك المناطق المحيطة بالرباط وتمارة.

الطابع الثقافي: كما هو الحال مع الأوداية، أسهمت قبيلة زعير في تشكيل الهوية الثقافية والاجتماعية للمنطقة.

الأهمية التاريخية: لعبت قبيلة زعير دورًا في تطور الحياة الريفية والزراعية في المناطق المحيطة بتمارة، وأسهمت في تكوين المجتمع المحلي.

تأثير السكان الأصليين على تمارة

الاندماج الاجتماعي: السكان الأصليون من العرب و الأوداية وزعير شكلوا أساس المجتمع في تمارة وتركوا بصماتهم على التقاليد والعادات المحلية.

الاقتصاد المحلي: أسهموا في النشاطات الاقتصادية التقليدية مثل الزراعة والتجارة، والتي شكلت جزءًا مهمًا من اقتصاد تمارة التاريخي.

مع مرور الوقت وتوسع المدينة، استقبلت تمارة سكانًا من مختلف مناطق المغرب، مما ساهم في تنوعها الثقافي والاجتماعي.

الحفريات الاركيولوجية بالهرهورة

الهرهورة الجماعة الشاطئية، الواقعة بالقرب من تمارة في المغرب، تُعد موقعًا أثريًا مهمًا يعكس تاريخ المنطقة العريق. الحفريات الأثرية في الهرهورة كشفت عن مجموعة من الاكتشافات التي تسلط الضوء على الحياة القديمة في هذه المنطقة. فيما يلي بعض التفاصيل حول هذه الحفريات:

كهف دار السلطان:

التاريخ: يعتبر كهف دار السلطان أحد أهم المواقع الأثرية في منطقة الهرهورة. يعود تاريخ الاكتشافات في هذا الكهف إلى العصر الحجري القديم.

الاكتشافات: تم العثور على أدوات حجرية وبقايا عظمية تعود لإنسان العصر الحجري. تُظهر هذه الأدوات مهارات الإنسان القديم في الصيد والتجمع وصنع الأدوات.

الأهمية: تسلط هذه الاكتشافات الضوء على تطور الإنسان في شمال إفريقيا وقدراته على التكيف مع البيئة المحيطة.

كهف تمارة:

التاريخ: يعود تاريخ هذا الكهف أيضًا إلى العصور الحجرية.

الاكتشافات: تم العثور على بقايا بشرية تعود لازمنة سحيقة، بالإضافة إلى أدوات حجرية وأساليب حياة متنوعة.

الأهمية: يوفر هذا الكهف معلومات قيمة حول تطور الإنسان وأدواته في تلك الفترة الزمنية، ويعزز فهمنا لتاريخ الاستيطان البشري في المنطقة.

الآثار الرومانية:

التاريخ: بالإضافة إلى الفترات القديمة جدًا، توجد في منطقة الهرهورة بعض الآثار الرومانية التي تعود إلى فترة حكم الرومان لشمال إفريقيا.

الأهمية الأثرية

تكتسب الحفريات الأثرية في الهرهورة أهمية كبيرة لأنها:

تقدم رؤية شاملة لتاريخ الإنسان وتطوره في منطقة شمال إفريقيا.

تكشف عن التأثيرات المختلفة التي مرت على المنطقة عبر العصور، من العصر الحجري إلى الفترة الرومانية.

توفر بيانات قيمة للباحثين والمؤرخين لفهم أنماط الحياة القديمة والتغيرات البيئية والثقافية.

الهجرة والكثافة السكانية

الهجرة والكثافة السكانية في تمارة

تمارة، كضاحية للعاصمة الرباط، شهدت تحولات كبيرة في نمط الهجرة والكثافة السكانية على مر العقود و-خصوصا سنوات الجفاف التي مر منا المغرب بداية الثمانينات من القرن المالضي-. فيما يلي تحليل لهذه الجوانب:

الهجرة

الهجرة الداخلية

من الريف إلى المدينة: خلال العقود الماضية، شهدت تمارة هجرة كبيرة من المناطق الريفية المحيطة والمناطق الداخلية في المغرب. يبحث المهاجرون عن فرص عمل أفضل وظروف معيشية أفضل في المناطق الحضرية.

الهجرة من الرباط: بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة والإسكان في الرباط، انتقل العديد من سكان الرباط إلى تمارة، مستفيدين من تكلفة المعيشة المعقولة والبنية التحتية الجيدة.

الهجرة الخارجية

الجالية المغربية في الخارج: بعض المغاربة الذين هاجروا إلى الخارج (خاصة أوروبا) يعودون إلى تمارة، حيث يستثمرون في العقارات والأعمال التجارية.

المهاجرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء: شهدت تمارة استقبال بعض المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، الذين يبحثون عن فرص اقتصادية أفضل في المغرب.

الكثافة السكانية

النمو السكاني

زيادة سكانية ملحوظة: تمارة شهدت نمواً سكانياً ملحوظاً، مما أدى إلى زيادة الكثافة السكانية. هذا النمو ناتج عن الهجرة الداخلية والخارجية، فضلاً عن النمو الطبيعي للسكان.

التوسع العمراني: تلبية للزيادة السكانية، شهدت المدينة توسعاً عمرانياً كبيراً مع بناء مشاريع سكنية وتجارية جديدة.

تأثير الكثافة السكانية

البنية التحتية: زيادة الكثافة السكانية وضعت ضغطاً على البنية التحتية، مما استدعى تحسين وتطوير الطرق، وشبكات الصرف الصحي، والخدمات العامة مثل التعليم والصحة.

الازدحام المروري: النمو السكاني والتوسع العمراني زادا من الازدحام المروري، خاصة في المناطق الرئيسية والمؤدية إلى الرباط.

الخدمات العامة: تزايد الطلب على الخدمات العامة مثل المدارس والمستشفيات والمرافق العامة، مما دفع إلى تحسين هذه الخدمات وتوسيعها.

الاستجابة والتحديات

استراتيجيات التنمية

تخطيط حضري: تبنت تمارة استراتيجيات تخطيط حضري تهدف إلى استيعاب النمو السكاني بشكل منظم. يشمل ذلك تحسين البنية التحتية، وتوسيع المناطق السكنية، وإنشاء مساحات خضراء ومرافق عامة.

الإسكان الميسر: تنفيذ مشاريع الإسكان الميسر لتلبية احتياجات السكان من ذوي الدخل المحدود، وتقليل الضغط على سوق الإسكان.

التحديات

البنية التحتية: الحاجة المستمرة لتحسين البنية التحتية لتواكب النمو السكاني السريع.

التلوث البيئي: مواجهة التحديات البيئية الناتجة عن التوسع العمراني وزيادة الكثافة السكانية.

التنمية المستدامة: تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والمحافظة على الموارد الطبيعية والبيئة.

الهجرة وزيادة الكثافة السكانية في تمارة لها تأثيرات كبيرة على المدينة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والبنية التحتية. من خلال التخطيط الحضري الجيد وتبني سياسات تنموية مستدامة، يمكن لتمارة أن تستمر في التطور والنمو بطريقة تعزز جودة الحياة لسكانها.

المدينة كضاحية للعاصمة الرباط

مدينة تمارة تُعد ضاحية مهمة للعاصمة الرباط، وتمتاز بعدة جوانب تجعلها ذات مكانة خاصة ضمن جهة الرباط سلا القنيطرة . فيما يلي تفصيل لكيفية تطور تمارة كضاحية للعاصمة:

الموقع الجغرافي

تمارة تقع جنوب العاصمة الرباط، وتعتبر جزءًا من  جهة الرباط-سلا-القنيطرة. موقعها الجغرافي القريب من الرباط يجعلها امتدادًا طبيعيًا للعاصمة، مما يسهم في دمجها ضمن الجهة الحضرية الكبرى.

البنية التحتية والتطور العمراني

التوسع العمراني:

تمارة شهدت توسعًا عمرانيًا كبيرًا في العقود الأخيرة، مع بناء العديد من المشاريع السكنية والتجارية.

المناطق السكنية الحديثة تلبي احتياجات العائلات والمتطلبات المتزايدة للسكان الذين يعملون أو يدرسون في الرباط.

البنية التحتية:

تحسين البنية التحتية، بما في ذلك الطرق والجسور وشبكات النقل، جعل من السهل التنقل بين تمارة والرباط.

وسائل النقل العام، مثل الحافلات والقطارات، تربط بين تمارة والرباط بشكل فعال، مما يسهم في تسهيل التنقل اليومي للسكان.

الاقتصاد والتنمية

الاقتصاد المحلي:

تنوع الأنشطة الاقتصادية في تمارة، من الزراعة التقليدية إلى الصناعات والخدمات الحديثة.

توفر المدينة فرص عمل متنوعة، مما يساعد في تقليل الضغط على سوق العمل في الرباط.

التنمية المستدامة:

تبنت تمارة مشاريع تنموية تهدف إلى تحسين جودة الحياة للسكان، بما في ذلك مشاريع البيئة والبنية التحتية الخضراء.

الحياة الاجتماعية والثقافية

التعليم والصحة:

توفر تمارة مجموعة من المدارس والمؤسسات التعليمية التي تلبي احتياجات السكان.

البنية الصحية تتضمن مستشفيات ومراكز صحية متطورة، مما يسهم في تقديم الرعاية الصحية للسكان.

الثقافة والترفيه:

تحتوي تمارة على العديد من المرافق الثقافية والترفيهية، مثل المسارح والمراكز الثقافية والمتنزهات.

تنظيم الفعاليات الثقافية والاجتماعية يعزز من التماسك الاجتماعي ويعكس التنوع الثقافي للمدينة.

التحديات والفرص

رغم التطور الكبير، تواجه تمارة بعض التحديات مثل:

الازدحام المروري: نتيجة التوسع العمراني وزيادة عدد السكان.

الحفاظ على التراث: ضرورة المحافظة على المواقع التاريخية والثقافية وسط التطور العمراني.

البنية التحتية: الحاجة المستمرة لتحسين البنية التحتية لتلبية احتياجات السكان المتزايدة.

مدينة تمارة كضاحية للعاصمة الرباط تلعب دورًا مهمًا في دعم التوسع العمراني وتلبية احتياجات السكان في منطقة الرباط الكبرى. توفر تمارة بيئة متوازنة تجمع بين الحياة الحضرية الحديثة والتراث التاريخي، مما يجعلها مكانًا مميزًا للسكن والعمل.

 

 

 

 

 

تعليقات

عدد التعليقات : 0